الخميس، 7 ديسمبر 2017

مهاتير محمد يروي أسرار النهضة بماليزيا نجحنا لأننا خالفنا صندوق النقد

مهاتير محمد يروي أسرار النهضة بماليزيا

 نجحنا لأننا خالفنا صندوق النقد





مهاتير محمد يروي أسرار النهضة بماليزيا: نجحنا لأننا خالفنا صندوق النقد:

خمسة لقاءات أخبرتنا مديرة مكتبه بدرية أرشد أن كلا منها لن يزيد على 40 دقيقة، وذلك لأن الأطباء لا يسمحون للرجل، الذي اشتهر بأنه خطيب بارع، بالحديث أكثر من ذلك.شهر في العاصمة الماليزية كوالالمبور فقط لاقتناص خمسة لقاءات مع رئيس وزراء ماليزيا الأسبق د. مهاتير محمد.
لكن الوقت، مهما طال، يظل قاصراً عن تصفح ما بجعبة واحد من أبرز أعلام العصر، يحمل على ظهره تجربة 85 عاماً، قضى معظمها في العمل السياسي.
إنه مهاتير محمد، أطول رؤساء الوزارة في ماليزيا حكماً (من 1981 إلى 2003) وأبعدهم أثراً، إذ رفع صادرات بلاده من 5 مليارات دولار إلى أكثر من 520 مليار دولار سنوياً، وحولها من دولة زراعية، إلى دولة متقدمة يمثل ناتج قطاعي الصناعة والخدمات فيها 90 في المئة من ناتجها الإجمالي.
وعلى مستوى الرفاهية، فقد تضاعف دخل الفرد السنوي في ماليزيا سبع مرات، ليصبح 8862 دولاراً في عام 2002، وانخفضت البطالة إلى 3 في المئة، والواقعون تحت خط الفقر أصبحوا 5 في المئة من السكان، بعد أن كانت نسبتهم 52 في المئة.
وما لا يعلمه البعض أن خطة محمد الاقتصادية مازالت هي المنهج الذي تسير عليه بلاده، كما أنه مازال يواظب على الذهاب إلى مكتبه، في مبنى القادة السابقين في مدينة بوتراجايا، للقيام بدوره الذي يضمن دوام الاستفادة من خبراته، كما يذهب أيضاً إلى مكتبه في "مؤسسة البخاري" لتقديم مشورته، وفي هذين المكتبين تمت المقابلات الخمس معه، أما المكتب الثالث الذي يداوم فيه، فهو مكتبه في 'البرجين التوأمين' الأعلى من نوعهما في قارة آسيا، اللذين شيدا في عهده ليصبحا مظهر فخر ورمزاً لماليزيا.
جعلتني ابتسامته الودود، وملابسه البسيطة أكثر حرصا على مخاطبته باللقب الذي اعتاد مواطنوه أن ينادوه به، لقب "تون" الذي يعني "المبجل".


بماذا تخبرنا عن ميلادك ونشأتك؟
وفي ما يلي نص المقابلة:
- ولدت في ألور، وهي مدينة صغيرة تقع في شمال ولاية كاداه، أنحدر من عائلة تنتمي إلى الطبقة الوسطى الفقيرة، والدي كان مدرساً في "إيشلي" ثم عمل محاسبا لدى الحكومة. وكانت الأسرة تضم 9 أولاد، ثلاثة من زوجة أبي الأولى، و6 من أمي، وهكذا نشأت في هذه المدينة الصغيرة وتعلمت في إحدى مدارس المالايو ثم انتقلت إلى مدرسة إنكليزية.
* لدينا صورة هنا وأنت تقود دراجتك الهوائية... والتعليق تحتها يقول:عصر ما قبل السيارة بروتون" معروف أن هذه السيارة الماليزية الشهيرة ولدت على يديك، وأن 80 في المئة من السيارات التي تسير في شوارع بلادكم حالياً هي إنتاج محلي، لكن ماذا عن الفترة التي سبقت هذا التحول، وماذا عن الفترة التي سبقت إنتاج السيارة بروتون؟

- قبل الحرب العالمية الثانية لم يكن باستطاعتنا سوى امتلاك دراجة هوائية، ومعظم الناس كانوا يتنقلون بهذه الطريقة. السيارات كانت قليلة في تلك الأيام، ولكن بعد انقضاء هذه الفترة، أصبح البلد أكثر ازدهاراً وأصبح الناس يستعملون السيارات أكثر من الدراجات الهوائية.
* في عام 1964 تم انتخابك نائباً في البرلمان... هل كان البرلمان على رأس لائحة أهدافك؟
- في الحقيقة، لم يكن هدفاً متأخراً، لأني دخلت المعترك السياسي باكراً جداً حتى قبل سنوات من أن أكون مؤهلاً لأنتخب نائباً، إذ بدأت العمل السياسي من سن 18 أو 19 قبل أن أصبح عضواً في البرلمان بكثير. وفي حملتي الانتخابية الأولى لم تكن الناس معتادة بعد الممارسة الديمقراطية، كانوا سيدعمون المرشح فقط إذا وعدهم بتوفير حياة أفضل لهم، على هذا الأساس خضت الحملة الانتخابية مركزاً على أن أكون قادراً على الوفاء بوعدي لهم.
مثلاً في المناطق حيث يزرع الأرز، وفّرنا لهم مصادر وقنوات المياه لري أراضيهم، وبما أنهم رأوا ذلك يتحقق حصلنا على دعمهم في الانتخابات، وبما أني أنتمي إلى حزب ائتلاف الجبهة الوطنية الحاكم (أمنو) الحزب الذي لعب دوراً أساسياً في نيل البلاد استقلالها فقد انتخبوني عرفاناً بالجميل.
*كنت رئيساً للوزراء على مدى 22 عاماً ما الذي اعتبرته مهمتك الأساسية في تلك الفترة؟
- كان عليّ أن أضع الخطط التي تؤدي إلى تحقيق النمو في البلاد خلال سنوات حكمي. ولم يكن عليّ أن أخطط فقط وإنما كان عليّ أن أنفذ. لو انتخبت فترة واحدة، لا تستغرق أكثر من خمس سنوات فإن هذا لم يكن ليكفي كي أحقق شيئاً مهماً، إذ لن يكون أمامي متسع من الوقت لدراسة وفهم النظام الذي أريد التخطيط له ووضعه موضع التنفيذ، ذلك فإنك تحتاج إلى وقت لتفعيل السياسات والتأكد من أن الأمور تسير على ما يرام حتى تتوصل إلى النتيجة المنشودة. فترة الـ22 عاماً ربما كانت طويلة بعض الشيء ولكنني تمكنت خلالها من تخطيط وتنفيذ السياسات التي حلمت بها وأشرفت على تطبيقها بالشكل الملائم.
* وضعت بنفسك حداً لولايتك قائلاً إن وقتي انتهى ولن أتولى أي مسؤولية سياسية بعد 30 من أكتوبر من عام 2003، ما الدوافع التي حملتك على اتخاذ هذا القرار؟
- وجدت أنني مكثت فترة طويلة في الحكم وأن الناس أرادوا أن أتنحى، وربما ظنوا أنني أتقدم في السن وكان عليّ أن أفسح المجال أمام قيادة جديدة، كما ترددت في ذهني عبارة كانت تقولها لي أمي، عبارة تطلب عدم إطالة مدة الزيارة حتى وإن كنت محل ترحيب، لأن الناس سيستاؤون منك لو أطلت.
إذن 22 سنة كانت أكثر من كافية وفيها تمكنت من تحقيق كل ما أردت مع أنه كان مازال هناك الكثير للعمل عليه وشعرت أن عليّ أن أتنحى لأفسح المجال لمن يأتي بعدي.
*لكنك وضعت خططاً يمتد تنفيذها حتى العام 2020؟
- نعم لقد خططنا لما يجب تحقيقه حتى عام 2020 وتركت لمن يأتي بعدي مهمة تنفيذ هذه الخطة.
* كيف نجحت في تحقيق إنجازك الفريد لتصبح ماليزيا اليوم أقرب دول العالم للانضمام إلى الدول الـ8 الصناعية الكبرى؟
- قمنا بوضع الخطط منذ البداية وقررنا أن نبدأ بالتصنيع، وكان عليّ أن أطوف دول العالم داعياً الناس إلى الاستثمار في بلادنا ونقل خبراتهم الصناعية إلى شعبنا حتى تمكنا بعد ذلك من الاعتماد على أنفسنا.
*لديك كتابٌ سياسي شهير بالاشتراك مع سياسي ياباني، كيف ولدت فكرة هذا الكتاب؟
- كانت هذه في الواقع فكرة الياباني شينتارو إيشيهارا، الذي أصبح عمدة مدينة طوكيو. وقد أتى لرؤيتي فتباحثنا في أمور كثيرة وافقته على معظمها بما فيها السياسة تجاه أميركا، وطرح عليّ الكثير من الأسئلة، وفي النهاية تمكنا من كتابة الكتاب معاً.
*هل هناك أي رابط بين الكتاب وتعاونك مع اليابان الذي ساهم في نهضة ماليزيا حين كنت رئيساً للوزراء؟
- نعم، تم إنجاز هذا الكتاب بعدما أدخلنا سياسة التوجه نحو الشرق وبدأنا التعاون الحثيث مع الشركات اليابانية لنقل التقنية إلى ماليزيا، ولحثهم على الاستثمار لدينا، كما بعثنا طلابنا إلى اليابان في بعثات تعليمية، لأن اليابانيين ليس لديهم المعرفة فحسب وإنما يتمتعون بتقاليد عمل راقية ساهمت في نجاحنا بعد أن اقتبسناها منهم، فهم جادون في عملهم، منضبطون، دقيقون، ويتقنون ما يعملونه، كما أنهم أوفياء للشركة التي يعملون لحسابها، أردنا أن يتعلم موظفونا هذا النوع من التصرف لأن هذا النوع من الانضباط وأخلاقيات العمل ستساهم في نجاحنا.
* لم تتخلوا عن الزراعة لمصلحة الصناعة... كيف نجحتم في هذا؟
- بشكل أساسي نزرع الأشجار المثمرة كنخيل الزيت وغيره من الأشجار ذات المحصول التجاري الكبير، وبالأخص ماليزيا ملائمة تماماً لزراعة تلك الأنواع من الأشجار، أما غيرها من الدول فقد لا يتوافر لها المناخ ولا التربة الملائمة، أما نحن فقد استفدنا من التربة الجيدة ومن المناخ لنطور زراعتنا، وفي نفس الوقت الصناعات أيضاً لا تأخذ مساحات كبيرة من الأراضي وإنما تستعمل فقط رقعة بسيطة توفر فرص العمل لآلاف الأشخاص، بينما الزراعة تحتاج إلى أرضٍ شاسعة، ولكن لكوننا دولة صناعية لا يعني أن يصبح قطاع الزراعة مهملا.
* أثناء الأزمة الاقتصادية تحدّيت تعليمات صندوق النقد الدولي بفرضك رقابة على سعر الصرف، ما هي بشكل عام مواقفك تجاه الصندوق؟
- وجدنا أن صندوق النقد الدولي لا يساعدنا جيداً، فإذا تبعنا نصيحتهم التي قدموها إلينا في مجال كيفية إدارة الأزمة، كان الوضع سيتفاقم. وبالفعل دول أخرى أصبح وضعها أسوأ بسبب اتباعها النصيحة الخاطئة التي قدمها صندوق النقد الدولي لهذا رفضنا ما قدموه. نحن لا نقترض المال منهم، وحين رفضنا كان علينا وضع خطة بديلة، فبدأنا التفكير بشأن ما يمكن أن تكونه هذه الخطة البديلة التي تسمح لنا بتخطي الأزمة وبالفعل نجحنا في ذلك.
*وماذا عن التعليم وقد كنت وزيراً له؟
- حين أصبحت رئيسا للوزراء كان لدينا فقط 5 جامعات، أما الآن فلدينا 80 جامعة، 40 منها حكومية و40 خاصة. والجامعات الماليزية من أهم الجامعات في العالم، وهي مصنفة من بين أهم وأول 200 جامعة عالمياً.
مهاتير محمد يروي أسرار النهضة بماليزيا: نجحنا لأننا خالفنا صندوق النقد:

كلام عميق جدا يستحق التوقف والتمعن ...

ماذا قال مهاتير محمد للعرب ؟؟
وصايا مهاتير محمد للعرب في منتدى كوالالمبور للفكر والحضارة :

أهم الأفكار التي وردت في خطابات الدكتور مهاتير محمد على مدار الأيام الثلاثة التي انعقد فيها منتدى كوالالمبور للفكر والحضارة والمنعقد في العاصمة الماليزية كوالالمبور وكان موضوع المنتدى “الدولة المدنية رؤية إسلامية”.وهى كالتالي:
أولاً: تقديم التنازلات طريق الاستقرار
شرح محاضير محمد هذه النقطة بدقة وقال نحن في ماليزيا بلد متعدد الأعراق والأديان والثقافات وقعنا في حرب أهلية ضربت بعمق أمن واستقرار المجتمع؛ فخلال هذه الاضطرابات والقلاقل لم نستطع أن نضع لبنة فوق اختها فالتنمية في المجتمعات لا تتم إلا إذا حل الأمن والسلام، فكان لازمًا علينا الدخول في حوار مفتوح مع كل المكونات الوطنية دون استثناء لأحد والاتفاق على تقديم تنازلات متبادلة من قبل الجميع لكى نتمكن من توطين الاستقرار والتنمية في البلد وقد نجحنا في ذلك من خلال تبني خطة 2020 لبناء ماليزيا الجديدة، وتحركنا قدما في تحويل ماليزيا إلى بلد صناعي كبير قادر على المنافسة في السوق العالمية بفضل التعايش والتسامح.
ثانيًا: لابد من ضبط البوصلة
ركز محاضير محمد على ضرورة توجيه الجهود والطاقات إلى الملفات الحقيقية في المجتمعات والشعوب وهى الفقر والبطالة والجوع والجهل لأن الانشغال بالأيديولوجيا ومحاولة الهيمنة على المجتمع وفرض أجندات ثقافية وفكرية عليه لن يقود المجتمعات إلى إلا مزيد من الاحتقان والتنازع، فالناس مع الجوع والفقر لا يمكنك أن تطلب منهم بناء الوعى ونشر الثقافة، وقال نحن المسلمين صرفنا أوقاتا وجهودًا كبيرة في مصارعة طواحين الهواء عبر الدخول في معارك تاريخية مثل الصراع بين السنة والشيعة وغيرها من المعارك القديمة.
ثالثًا: الفتاوي لن تحل مشاكل المسلمين
شرح مهاتير هذه النقطة باستفاضة فقال إن قيادة المجتمعات المسلمة والحركة بها للأمام ينبغي أن لا يخضع لهيمنة فتاوى الفقهاء والوعاظ؛ فالمجتمعات المسلمة عندما رضخت لبعض الفتاوى والتصورات الفقهية التي لا تتناسب مع حركة تقدم التاريخ أصيبت بالتخلف والجهل، فالعديد من الفقهاء حرموا على الناس استخدام التليفزيون والمذياع، وركوب الدراجات، وشرب القهوة، وجرموا تجارب عباس بن فرناس للطيران.
وقال مهاتير إن كلام العديد من الفقهاء “بأن قراءة القرآن كافية لتحقيق النهوض والتقدم!!! أثر سلبًا على المجتمع فقد انخفضت لدينا نسب العلماء في الفيزياء والكيمياء والهندسة والطب بل بلغ الأمر في بعض الكتابات الدينية إلى تحريم الانشغال بهذه العلوم؛ وبالتالي أكد مهاتير على أن حركة المجتمع لابد أن تكون جريئة وقوية، وعلى الجميع أن يُدرك أن فتاوى وأراء النخب الدينية ليست دينًا، فنحن نُقدس النص القرآني ولكن من الخطأ تقديس أقوال المفسرين واعتبارها هي الأخرى دينًا واجب الاتباع.
رابعًا: عون لله لا ينزل على المُتعصبين
قال مهاتير: “إن الله لا يساعد الذين لا يساعدون أنفسهم” فنحن المسلمين قسمنا أنفسنا جماعات وطوائف وفرق يقتل بعضها بعضًا بدم بارد، فأصبحت طاقتنا مُهدرة بسبب ثقافة الثأر والانتقام و التي يحرص المتعصبون على نشرها في أرجاء الأمة عبر كافة الوسائل وبحماس زائد ثم بعد كل هذا ذلك نطلب من الله أن يرحمنا ويجعل السلام والاستقرار يستوطن أرضنا!!! فذلك ضرب من الخيال في ظل سنن الله التي يخضع لها البشر فلابد من أن نساعد أنفسنا أولا وأن نتجاوز آلام الماضى وننحاز للمستقبل.
فنحن هنا في ماليزيا قررنا أن نعبر للمستقبل وبمشاركة كل المكونات العرقية والدينية والثقافية دون الالتفات لعذابات ومعارك الماضي فنحن أبناء اليوم وأبناء ماليزيا الموحدة نعيش تحت سقف واحد ومن حقنا جميعًا أن نتمتع بخيرات هذا الوطن.
كانت هذه هي أهم الأفكار خرجت من فم المُبجل مهاتير محمد في المنتدى وفي الختام اقترح على الشباب العربي فتح قنوات التواصل مع قادة التجربة الماليزية المُبهرة؛ فماليزيا كما بدت لي في جعبتها أدوية متنوعة قد تصلح لمعالجة أدواء الذاكرة العربية التاريخية والمعاصرة.
مهاتير محمد يروي أسرار النهضة بماليزيا: نجحنا لأننا خالفنا صندوق النقد:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق